[٧٦ ٢].
وَفِي آخِرِ سُورَةِ «الْمُلْكِ» هَذِهِ قَوْلُهُ: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ [٦٧ ٢٣].
وَلَكِنَّهُمْ سَمِعُوا وَعَصَوْا، كَمَا فِي قَوْلِهِ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ [٢ ٩٣].
وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ [٨ ٢١]. وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ: قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا [٨ ٢١].
وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ: قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا [٨ ٣١].
وَقَوْلُهُ عَنْهُمْ: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ [٤١ ٢٦].
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى سَبَبَ عَدَمِ اسْتِفَادَتِهِمْ بِمَا يَسْمَعُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هَزُوًا [٤٥ ٧ - ٩].
وَقَوْلِهِ: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا [٣١ ٧].
فَقَوْلُهُمْ هُنَا: لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ، أَيْ: سَمَاعَ تَعَقُّلٍ وَتَفَهُّمٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ.
قَالَ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي إِمْلَائِهِ: الِاعْتِرَافُ الْإِقْرَارُ، أَيْ: أَقَرُّوا بِذَنْبِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ الْإِقْرَارُ وَالنَّدَمُ، وَتَقَدَّمَ لَهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ انْتِفَاعِ الْكُفَّارِ بِإِقْرَارِهِمْ هَذَا بِتَوَسُّعٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ [٧ ٥٣].
وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ، آيَةِ «الْمُلْكِ» هُنَاكَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ اعْتِرَافَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ بَعْدَ فَوَاتِ الْأَوَانِ بِالْمُعَايَنَةِ،


الصفحة التالية
Icon