لَوْ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ تَعَرَّضَتْ لِعَيْنَيْهِ مَيُّ سَافِرًا كَادَ يُبْرَقُ
وَقَوْلُ الْأَعْشَى:
وَكُنْتُ أَرَى فِي وَجْهِ مَيَّةَ لَمْحَةً فَأُبْرَقُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ مَكَانِيَا
وَ «بَرَقَ» بِالْفَتْحِ: شُقَّ بَصَرُهُ، وَهُوَ مِنَ الْبَرِيقِ، أَيْ: لَمَعَ بَصَرُهُ مِنْ شِدَّةِ شُخُوصِهِ.
قَالَ أَبُو حَيَّانَ: وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إِرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ مَا دَامَتِ الْقِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَيْنِ، وَقَدْ يَشْهَدُ لِهَذَا النَّصِّ فِي سُورَةِ «إِبْرَاهِيمَ» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ [١٤ ٤٢ - ٤٣].
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: يَنْظُرُونَ مِنَ الْفَزَعِ هَكَذَا وَهَكَذَا، لَا يَسْتَقِرُّ لَهُمْ بَصَرٌ مِنْ شِدَّةِ الرُّعْبِ.
وَقَوْلُهُ: يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لَا وَزَرَ، تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي سُورَةِ «ص» عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ [٣٨ ٣].
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ
الْمُرَادُ: «بِمَا قَدَّمَ» هُنَا هُوَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَمَلٍ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [٨٩ ٢٣ - ٢٤]، وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا [٣٩ ٤٨] مِنْ سُورَةِ «الزُّمَرِ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
بَيَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [١٧ ١٤].
وَقَوْلُهُ: وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا [١٨ ٤٩]، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ
أَيْ: أَنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ آنَذَاكَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ [٤٠ ٥٢].


الصفحة التالية
Icon