قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ
تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ «الْحَجِّ» : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ [٢٢ ٣].
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ
الزُّلْفَى: الْقُرْبَى، «وَأُزْلِفَتْ» : قُرِّبَتْ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي سُورَةِ «ق» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ [٥٠ ٣١].
قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ
الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا: الْعُمُومُ، أَيْ كُلُّ نَفْسٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا [٣ ٣٠].
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِي الْكُنَّسِ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَا أُقْسِمُ نَفْيُ الْقَسَمِ، وَلَكِنَّهُ قَسَمٌ قَطْعًا، بِدَلِيلِ التَّصْرِيحِ بِجَوَابِ الْقَسَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [٨١ ١٩].
وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْقِيَامَةِ ": لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [٧٥ ١].
وَمِثْلُ الْآتِي لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [٩٠ ١].
تَنْبِيهٌ.
يُجْمِعُ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ ; لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى قُدْرَتِهِ، وَلَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ أَنْ يَحْلِفَ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى.
وَلَكِنْ ; هَلْ فِي الْمُغَايَرَةِ بِمَا يُقْسِمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مَعْنًى مَقْصُودٌ، أَمْ لِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ، وَتَعَدُّدِ الْمُقْسَمِ بِهِ؟


الصفحة التالية
Icon