بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
سُورَةُ اللَّيْلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى
يُقْسِمُ اللَّهُ تَعَالَى بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَثَرِهِمَا عَلَى الْكَوْنِ، عَلَى أَنَّهُمَا آيَتَانِ عَظِيمَتَانِ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي السُّورَةِ قَبْلَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا [٩١ ٣ - ٤].
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - الْكَلَامُ عَلَى هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ [١٧ ١٢]، فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ»، وَذِكْرُ كُلِّ النُّصُوصِ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَأَثَرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي حَيَاةِ النَّاسِ، وَمَعْرِفَةِ الْحِسَابِ وَنَحْوِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى
تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَحْثُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِيرَادُ كُلِّ النُّصُوصِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، أَشَارَ إِلَيْهَا كُلِّهَا فِي سُورَةِ «النَّجْمِ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى [٥٣ ٤٥ - ٤٦]، وَقَدْ قُرِئَتْ بِعِدَّةِ قِرَاءَاتٍ مِنْهَا: خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَمِنْهَا «وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى».
وَذَكَرَهَا ابْنُ كَثِيرٍ مَرْفُوعَةً إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ.
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، اخْتُلِفَ فِي لَفْظَةِ: «مَا» فَقِيلَ: إِنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: وَخَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى.
وَقِيلَ: بِمَعْنَى مَنْ، أَيْ: وَالَّذِي خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْقَسَمُ