وَقَوْلُهُ: «رُفِعَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [٢ ٢٨٦].
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَدْ فَعَلْتُ».
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [١٧ ٧٩]، وَهُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يَغْبِطُهُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ.
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ، بِمَا يُؤَكِّدُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ، عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: إِنَّ الْكَوْثَرَ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ.
وَأَنَّ النَّهْرَ فِي الْجَنَّةِ مِنْ هَذَا الْكَوْثَرِ الَّذِي أُعْطِيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.
فِي هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ رَبْطٌ بَيْنَ النِّعَمِ وَشُكْرِهَا، وَبَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَمُوجِبِهَا، فَكَمَا أَعْطَاهُ الْكَوْثَرَ فَلْيُصَلِّ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَلْيَنْحَرْ لَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [١٠٦ ٣ - ٤].
وَهُنَاكَ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ رِحْلَتَيْهِمْ وَأَمْنِهِمْ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ مُقَابِلَ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي السُّورَةِ قَبْلَهَا بَيَانُ حَالِ الْمُنَافِقِينَ فِي السَّهْوِ عَنِ الصَّلَاةِ وَالرِّيَاءِ فِي الْعَمَلِ، جَاءَ هُنَا بِالْقُدْوَةِ الْحَسَنَةِ فَصَلِّ لِرَبِّكَ مُخْلِصًا لَهُ فِي عِبَادَتِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي السُّورَةِ قَبْلَهَا فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [١٨ ١١٠].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي تَعْلِيمِ الْأُمَّةِ، فِي خِطَابِ شَخْصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [٣٩ ٦٥]، مَعَ عِصْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَالصَّلَاةُ عَامَّةً وَالْفَرِيضَةُ أَخُصُّهَا.


الصفحة التالية
Icon