وَلَا يَأْخُذُ الْمُرَابِطُ مِنْ طُلَّابِهِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ ذَا يَسَارٍ سَاعَدَ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ طُلَّابِهِ، وَقَدْ يُسَاعِدُ أَهْلَ ذَاكَ الْمَكَانِ الْغُرَبَاءَ مِنَ الطُّلَّابِ.
فَيَنْزِلُونَ حَوْلَ بَيْتِهِ وَيَبْنُونَ لَهُمْ خِيَامًا أَوْ مَسَاكِنَ مُؤَقَّتَةً. وَيَكُونُ لَهُمْ مَجْلِسُ عِلْمٍ لِلدَّرْسِ وَالْمُنَاقَشَةِ وَالِاسْتِذْكَارِ.
وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَابِطُ مُخْتَصًّا بِفَنٍّ وَاحِدٍ، وَقَدْ يَدْرُسُ عِدَّةَ فُنُونٍ. فَإِذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِفَنٍّ وَاحِدٍ فَإِنَّ دُرُوسَهُ تَكُونُ فِي هَذَا الْفَنِّ مُوَزَّعَةً فِي عِدَّةِ أَمَاكِنَ مِنْهُ بِحَسَبِ مَجْمُوعَاتِ الطُّلَّابِ، فَقَدْ تَكُونُ مَجْمُوعَةٌ فِي الْبِدَايَةِ مِنْهُ، وَمَجْمُوعَةٌ فِي النِّهَايَةِ وَأُخْرَى فِي أَثْنَائِهِ وَهَكَذَا. فَتَتَقَدَّمُ كُلُّ مَجْمُوعَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَتَدْرُسُ عَلَى الشَّيْخِ، ثُمَّ تَأْتِي الْمَجْمُوعَةُ الْأُخْرَى وَهَكَذَا.
وَإِذَا كَانَ يَدْرُسُ عِدَّةَ فُنُونٍ، فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ طُلَّابَ كُلِّ فَنٍّ عَلَى النَّحْوِ الْمُتَقَدِّمِ.
إِفْرَادُ الْفُنُونِ: وَلَا يَحِقُّ لِطَالِبٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ فَنَّيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، بَلْ يَدْرُسُ فَنًّا حَتَّى يُكْمِلَهُ كَالنَّحْوِ مَثَلًا، ثُمَّ يَبْدَأُ فِي الْبَلَاغَةِ حَتَّى يُكْلِمَهَا. وَهَكَذَا يَبْدَأُ مَثَلًا فِي الْفِقْهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ثُمَّ يَبْدَأُ فِي الْأُصُولِ حَتَّى يُكْمِلَهُ. سَوَاءٌ دَرَسَهَا عَلَى عِدَّةِ مَشَايِخَ أَوْ عَلَى شَيْخٍ وَاحِدٍ.
طَرِيقَةُ الدِّرَاسَةِ الْيَوْمِيَّةِ: يَبْدَأُ الطَّالِبُ بِكِتَابَةِ الْمَتْنِ فِي اللَّوْحِ الْخَشَبِيِّ فَيَكْتُبُ قَدْرَ مَا يَسْتَطِيعُ حِفْظَهُ، ثُمَّ يَمْحُوهُ، ثُمَّ يَكْتُبُ قَدْرًا آخَرَ حَتَّى يَحْفَظَ مَقْرَأً مِنَ الْفَنِّ حَسَبَ التَّقْسِيمِ الْمَعْهُودِ. فَمَثَلًا النَّحْوُ، تُعْتَبَرُ الْأَلْفِيَّةُ أَرْبَعَةَ مَقَارِئٍ، وَيُعْتَبَرُ مَتْنُ خَلِيلٍ فِي الْفِقْهِ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ.
فَإِذَا حَفِظَ الطَّالِبُ مَقْرَأً مِنَ الْفَنِّ تَقَدَّمَ لِلدِّرَاسَةِ فَيَشْرَحُهُ لَهُ الشَّيْخُ شَرْحًا وَافِيًا بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ مِنْ تَحْصِيلٍ، دُونَ أَنْ يَفْتَحَ كِتَابًا، أَوْ يَحْضُرَ فِي مَرْجِعٍ ثُمَّ يَقُومُ هَؤُلَاءِ لِلِاسْتِذْكَارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَمُنَاقَشَةِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ، وَقَدْ يَأْخُذُونَ بَعْضَ الشُّرَّاحِ لِمُقَابَلَتِهِ عَلَى مَا سَمِعُوهُ أَوْ يَرْجِعُونَ إِلَى بَعْضِ الْحَوَاشِي، وَلَا يَجْتَازُونَ ذَاكَ الْمَكَانَ مِنَ الدَّرْسِ حَتَّى يَرَوْا أَنَّهُمْ قَدْ حَصَّلُوا كُلَّ مَا فِيهِ. وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ مِنْ سُرْعَةٍ أَوْ إِنْهَاءِ كِتَابٍ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَهْمِ وَتَحْصِيلِ مَا فِي الْبَابِ، وَقَدْ ذَكَرُوا عَنْ بَعْضِ الطُّلَّابِ مِمَّنْ عُرِفُوا بِالذَّكَاءِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ فِي مَتْنِ خَلِيلٍ عَلَى سَطْرَيْنِ فَقَطْ. فَقِيلَ لَهُ لِمَ لَا تَزِيدُ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى


الصفحة التالية
Icon