وَذَكَرَهَا مَعَ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ فِي عَبَسَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا [٨٠ ٢٧ - ٢٩]، وَذَكَرَ مِنْ أَخَصِّ خَصَائِصِ الْأَشْجَارِ، فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ النُّورِ فِي الْمَثَلِ الْعَظِيمِ الْمَضْرُوبِ: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ [٢٤ ٣٥]. فَوَصَفَهَا بِالْبَرَكَةِ وَوَصَفَ زَيْتَهَا بِأَنَّهُ يَكَادُ يُضِيءُ، وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ، وَاخْتِيَارُهَا لِهَذَا الْمَثَلِ الْعَظِيمِ يَجْعَلُهَا أَهْلًا لِهَذَا الْقَسَمِ الْعَظِيمِ هُنَا.
أَمَّا طُورُ سِينِينَ: فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ جَبَلُ الطُّورِ، الَّذِي نَاجَى اللَّهَ مُوسَى عِنْدَهُ، كَمَا جَاءَ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ، وَذِكْرُ الطُّورِ فِيهَا لِلتَّكْرِيمِ وَلِلْقَسَمِ، فَمِنْ ذِكْرِهِ لِلتَّكْرِيمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ [١٩ ٥٢]، وَمِنْ ذِكْرِهِ لِلْقَسَمِ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [٥٢ ١ - ٢].
وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي سُورَةِ الطُّورِ قَوْلُهُ، وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ بِالطُّورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ [٩٥ ٢]. اهـ.
أَمَّا الْبَلَدُ الْأَمِينُ فَهُوَ مَكَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا، فَالْأَمِينُ بِمَعْنَى الْآمِنِ، أَيْ: مِنَ الْأَعْدَاءِ، أَنْ يُحَارِبُوا أَهْلَهُ أَوْ يَغْزُوهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [٢٩ ٦٧]، وَالْأَمِينُ بِمَعْنَى آمِنٍ، جَاءَ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

أَلَمْ تَعْلَمِي يَا اسْمَ وَيْحَكِ أَنَّنِي حَلَفْتُ يَمِينًا لَا أَخُونُ أَمِينِي
يُرِيدُ: آمِنِي.
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ.
وَهَذَا هُوَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، وَالتَّقْوِيمُ التَّعْدِيلُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا [١٨ ١ - ٢]، وَأَحْسَنُ تَقْوِيمٍ شَامِلٌ لِخَلْقِ الْإِنْسَانِ حِسًّا وَمَعْنًى أَيْ شَكْلًا وَصُورَةً وَإِنْسَانِيَّةً، وَكُلُّهَا مِنْ آيَاتِ الْقُدْرَةِ وَدَلَالَةِ الْبَعْثِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
دَوَاؤُكَ مِنْكَ وَلَا تَشْعُرُ وَدَاؤُكَ مِنْكَ وَلَا تُبْصِرُُُ