أَحَدُهُمَا: هُوَ ضَمِيرُ اسْمِ اللَّهِ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ ; أَيِ اللَّهُ مَوِّلِي تِلْكَ الْجِهَةَ ذَلِكَ الْفَرِيقَ ; أَيْ يَأْمُرُهُ بِهَا. وَالثَّانِي: هُوَ ضَمِيرُ كُلٍّ ; أَيْ ذَلِكَ الْفَرِيقُ مُوَلِّي الْوِجْهَةَ نَفْسَهُ.
وَيُقْرَأُ مَوْلَاهَا بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ عَلَى هَذَا هُوَ ضَمِيرُ الْفَرِيقِ وَمَوْلَى لَمَّا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ فِيهِ، وَهَا ضَمِيرُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، وَهُوَ ضَمِيرُ الْوِجْهَةِ، وَقِيلَ لِلتَّوْلِيَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ ضَمِيرَ اسْمِ اللَّهِ ; لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى، وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِوِجْهَةٍ. وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: «وَلِكُلِّ وِجْهَةٍ» بِإِضَافَةِ كُلٍّ لِوِجْهَةٍ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ اللَّامُ زَائِدَةً ; وَالتَّقْدِيرُ: كُلُّ وِجْهَةٍ اللَّهُ مُوَلِّيهَا أَهْلَهَا ; وَحَسَّنَ زِيَادَةَ اللَّامِ تَقَدُّمُ الْمَفْعُولِ ; وَكَوْنُ الْعَامِلِ اسْمَ فَاعِلٍ.
(أَيْنَمَا) : ظَرْفٌ لِـ (تَكُونُوا).
قَالَ تَعَالَى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ........ (١٤٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) : حَيْثُ هُنَا لَا تَكُونُ شَرْطًا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهَا مَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بِهَا مَعَ مَا فَعَلَى هَذَا يَتَعَلَّقُ مِنْ بِقَوْلِهِ: «فَوَلِّ». وَ (إِنَّهُ لَلْحَقُّ) : الْهَاءُ ضَمِيرُ التَّوَلِّي.
قَالَ تَعَالَى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا وَغَيْرَ شَرْطٍ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ. (


الصفحة التالية
Icon