مِنْهُ آيَاتٌ) : الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْكِتَابِ.
وَلَكَ أَنْ تَرْفَعَ آيَاتٍ بِالظَّرْفِ ; لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ، وَلَكَ أَنْ تَرْفَعَهُ بِالِابْتِدَاءِ، وَالظَّرْفُ خَبَرُهُ.
(هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ صِفَةً لِآيَاتٍ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ (أُمُّ) وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ جَمْعٍ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ جَمِيعَ الْآيَاتِ بِمَنْزِلَةِ آيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَفْرَدَ عَلَى الْمَعْنَى.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَفْرَدَ فِي مَوْضِعِ الْجَمْعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ: (وَعَلَى سَمْعِهِمْ) [الْبَقَرَةِ: ٧] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كُلٌّ مِنْهُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ) [النُّورِ: ٤] ; أَيْ فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
(وَأُخَرُ) : مَعْطُوفٌ عَلَى آيَاتٍ.
وَ (مُتَشَابِهَاتٌ) : نَعْتٌ لِأُخَرَ.
فَإِنْ قِيلَ: وَاحِدَةُ مُتَشَابِهَاتٍ مُتَشَابِهَةٌ، وَوَاحِدَةُ أُخَرَ أُخْرَى، وَالْوَاحِدُ هُنَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهَذَا الْوَاحِدِ، فَلَا يُقَالُ أُخْرَى مُتَشَابِهَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْوَاحِدَةِ يُشْبِهُ بَعْضًا، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ آيَةٍ تُشْبِهُ آيَةً أُخْرَى، فَكَيْفَ صَحَّ وَصْفُ هَذَا الْجَمْعِ بِهَذَا الْجَمْعِ، وَلَمْ يُوصَفْ مُفْرَدُهُ بِمُفْرَدِهِ.
قِيلَ: التَّشَابُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْأَشْيَاءُ الْمُتَشَابِهَةُ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا مُشَابِهًا لِلْآخَرِ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ التَّشَابُهُ إِلَّا فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ، وَصَفَ الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ يُشَابِهُ بَاقِيهَا ; فَأَمَّا الْوَاحِدُ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى.
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ) [الْقَصَصِ: ١٥] : فَثَنَّى الضَّمِيرَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقَالُ فِي الْوَاحِدِ يَقْتَتِلُ. (مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) : مَا بِمَعْنَى الَّذِي، وَمِنْهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ، وَالْهَاءُ تَعُودَ عَلَى الْكِتَابِ. (


الصفحة التالية
Icon