(بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) : وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ (بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ) : وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ; لِأَنَّ مَا
بَلَغَكَ فَقَدْ بَلَغْتَهُ (عَاقِرٌ) : أَيْ ذَاتُ عُقْرٍ فَهُوَ عَلَى النَّسَبِ ; وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَفْعُولٌ ; أَيْ مَعْقُورَةٌ ; وَلِذَلِكَ لَمْ تَلْحَقْ تَاءُ التَّأْنِيثِ. (كَذَلِكَ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ; أَيْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فِعْلًا كَذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)).
قُولُهُ تَعَالَى: (اجْعَلْ لِي آيَةً) : أَيْ صَيِّرْ لِي ; فَآيَةٌ مَفْعُولٌ أَوَّلُ وَلِي مَفْعُولٌ ثَانٍ.
(آيَتُكَ) : مُبْتَدَأٌ، وَ (أَلَّا تُكَلِّمَ) : خَبَرُهُ ; وَإِنْ كَانَ قَدْ قُرِئَ تُكَلِّمُ بِالرَّفْعِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى تَقْدِيرِ: إِنَّكَ لَا تُكَلِّمُ ; كَقَوْلِهِ: (أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا) [طه: ٨٩].
(إِلَّا رَمْزًا) : اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ; لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ كَلَامًا.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، وَهُوَ مَصْدَرُ رَمَزَ، وَيُقْرَأُ بِضَمِّهَا، وَهُوَ جَمْعُ رُمُزَةٍ بِضَمَّتَيْنِ، وَأَقَرَّ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسَكَّنَ الْمِيمِ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا أَتْبَعَ الضَّمُّ الضَّمَّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا غَيْرَ جَمْعٍ وَضُمَّ إِتْبَاعًا كَالْيُسْرِ وَالْيُسُرِ.
(كَثِيرًا) : أَيْ ذِكْرًا كَثِيرًا. وَ (الْعَشِيِّ) : مُفْرَدٌ. وَقِيلَ: جَمْعُ عَشِيَّةٍ.
(وَالْإِبْكَارِ) : مَصْدَرٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَوَقْتَ الْإِبْكَارِ، يُقَالُ أَبْكَرَ إِذَا دَخَلَ فِي الْبُكْرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (٤٢)).


الصفحة التالية
Icon