قَالَ تَعَالَى: (فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِافْتَرَى، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْكَذِبِ.
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ) : الْجُمْهُورُ عَلَى إِظْهَارِ اللَّامِ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَيُقْرَأُ بِالْإِدْغَامِ ; لِأَنَّ الصَّادَ فِيهَا انْبِسَاطٌ، وَفِي اللَّامِ انْبِسَاطٌ بِحَيْثُ يَتَلَاقَى طَرَفَاهُمَا فَصَارَا مُتَقَارِبَيْنِ ; وَالتَّقْدِيرُ: قُلْ لَهُمْ صَدَقَ اللَّهُ.
(حَنِيفًا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَمِنَ الْمِلَّةِ ; وَذَكَّرَ لِأَنَّ الْمِلَّةَ وَالدِّينَ وَاحِدٌ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وُضِعَ لِلنَّاسِ) : الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِبَيْتٍ، وَالْخَبَرُ «لِلَّذِي».
وَ (مُبَارَكًا وَهُدًى) : حَالَانِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي وُضِعَ. وَإِنْ شِئْتَ فِي الْجَارِّ، وَالْعَامِلُ فِيهِمَا الِاسْتِقْرَارُ.
قَالَ تَعَالَى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً مُضْمِرَةً لِمَعْنَى الْبَرَكَةِ وَالْهُدَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهَا حَالًا أُخْرَى. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لِلْعَالَمِينَ ; وَالْعَامِلُ فِيهِ هُدًى. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «مُبَارَكًا» وَهُوَ الْعَامِلُ فِيهَا.