وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: «وَسَاءَ سَبِيلًا» مَعْطُوفًا عَلَى خَبَرِ كَانَ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: مَقُولًا فِيهِ سَاءَ سَبِيلًا.
قَالَ تَعَالَى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) (٢٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أُمَّهَاتُكُمْ) : الْهَاءُ زَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ فِيمَنْ يَعْقِلُ، فَأَمَّا مَالَا يَعْقِلُ فَيُقَالُ أُمَّاتُ الْبَهَائِمَ، وَقَدْ جَاءَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا جَاءَ فِي الْآخَرِ قَلِيلًا؛ فَيُقَالُ: أُمَّاتُ الرِّجَالِ، وَأُمَّهَاتُ الْبَهَائِمِ. (وَبَنَاتُكُمْ) : لَامُ الْكَلِمَةِ مَحْذُوفَةٌ؛ وَوَزْنُهُ فَعَاتُكُمْ؛ وَالْمَحْذُوفُ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
فَأَمَّا بِنْتٌ، فَالتَّاءُ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ اللَّامِ الْمَحْذُوفَةِ، وَلَيْسَتْ تَاءُ التَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّ تَاءَ التَّأْنِيثِ لَا يَسْكُنُ مَا قَبْلَهَا، وَتُقْلَبُ هَاءً فِي الْوَقْفِ، فَبَنَاتٌ لَيْسَ بِجَمْعِ بِنْتٍ؛ بَلْ بَنَةٍ، وَكُسِرَتِ الْبَاءُ تَنْبِيهًا عَلَى الْمَحْذُوفِ، هَذَا عِنْدَ الْفَرَّاءِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصْلُهَا الْفَتْحُ، وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ جَمْعُهَا وَمُذَكَّرُهَا وَهُوَ بَنُونَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ. وَأَمَّا أُخْتٌ فَالتَّاءُ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْأُخُوَّةِ فَأَمَّا جَمْعُهَا فَأَخَوَاتٌ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ رُدَّ الْمَحْذُوفُ فِي أَخَوَاتٍ، وَلَمْ يُرَدَّ فِي
بَنَاتٍ؟. قِيلَ: حُمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَمْعَيْنِ عَلَى مُذَكَّرِهِ، فَمُذَكَّرُ بَنَاتٍ لَمْ يُرَدَّ فِيهِ الْمَحْذُوفُ؛ بَلْ جَاءَ نَاقِصًا فِي الْجَمْعِ؛ فَقَالُوا بَنُونَ؛ وَقَالُوا فِي جَمْعِ أَخٍ: إِخْوَةٌ وَإِخْوَانٌ، فَرُدَّ الْمَحْذُوفُ