أَلَمْ تَكُنْ) : اسْتِفْهَامٌ، بِمَعْنَى التَّوْبِيخِ. (فَتُهَاجِرُوا) : مَنْصُوبٌ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ صَارَ إِثْبَاتًا بِالِاسْتِفْهَامِ. (وَسَاءَتْ) : فِي حُكْمِ بِئْسَتْ.
قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) (٩٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ) : اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ: «تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ»، وَإِلَيْهِ يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ مَأْوَاهُمْ، وَهَؤُلَاءِ عُصَاةٌ بِالتَّخَلُّفِ عَنِ الْهِجْرَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَإِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ هُمُ الْعَاجِزُونَ، فَمِنْ هُنَا كَانَ مُنْقَطِعًا. وَ (مِنَ الرِّجَالِ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْمُسْتَضْعَفِينَ، أَوْ مِنْ نَفْسِ الْمُسْتَضْعَفِينَ. (لَا يَسْتَطِيعُونَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مُبَيِّنَةً عَنْ مَعْنَى الِاسْتِضْعَافِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (١٠٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُهَاجِرًا) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَخْرُجُ. (ثُمَّ يُدْرِكْهُ) : مَجْزُومٌ عَطْفًا عَلَى يَخْرُجُ، وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ؛ أَيْ: ثُمَّ هُوَ يُدْرِكُهُ. وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ أَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى الشَّرْطِ لَفْظًا، فَعَطَفَهُ عَلَيْهِ مَعْنًى كَمَا جَاءَ فِي الْوَاوِ وَالْفَاءِ.


الصفحة التالية
Icon