قَالَ تَعَالَى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ) : الْهَمْزَةُ فِي «ابْنَيْ» هَمْزَةُ وَصْلٍ كَمَا هِيَ فِي الْوَاحِدِ، فَأَمَّا هَمْزَةُ أَبْنَاءٍ فِي الْجَمْعِ فَهَمْزَةُ قَطْعٍ؛ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ لِلْجَمْعِ. (إِذْ قَرَّبَا) : ظَرْفٌ لِـ «نَبَأَ»، أَوْ حَالٌ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ ظَرْفًا لِـ «اتْلُ»، وَبِالْحَقِّ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «اتْلُ» ؛ أَيْ: مُحِقًّا أَوْ صَادِقًا. (قُرْبَانًا) : هُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ، وَقَدْ وَقَعَ هُنَا مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ بِهِ، وَالْأَصْلُ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانَيْنِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُثَنَّ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُثَنَّى. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: تَقْدِيرُهُ: إِذْ قَرَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُرْبَانًا؛ كَقَوْلِهِ: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) [النُّورِ: ٤] ؛ أَيْ: كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. (قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) ؛ أَيْ: قَالَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ لِلْمَقْبُولِ مِنْهُ. وَمَفْعُولُ (يَتَقَبَّلُ) مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: يَتَقَبَّلُ مِنَ الْمُتَّقِينَ قَرَابِينَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (٢٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ؛ أَيْ: تَرْجِعُ حَامِلًا لِلْإِثْمَيْنِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (٣٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَطَوَّعَتْ) : الْجُمْهُورُ عَلَى تَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَيُقْرَأُ: «طَاوَعَتْ» بِالْأَلِفِ وَالتَّخْفِيفِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَالْمَعْنَى: زَيَّنَتْ. قَالَ قَوْمٌ طَاوَعَتْ تَتَعَدَّى بِغَيْرِ لَامٍ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الَّتِي تَتَعَدَّى بِغَيْرِ اللَّامِ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ عَدَّاهُ هَاهُنَا إِلَى «قَتْلِ أَخِيهِ». وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: طَاوَعَتْهُ نَفْسُهُ عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ، فَزَادَ اللَّامَ وَحَذَفَ عَلَى.


الصفحة التالية
Icon