وَيُقْرَأُ بِالْهَمْزَةِ وَالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الَّذِينَ، وَهُوَ شَاذٌّ فِي الرِّوَايَةِ، صَحِيحٌ فِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي فِي الْبَقَرَةِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْقِرَاءَةِ الرَّفْعُ، وَفِيهَا أَقْوَالٌ أَحَدُهَا: قَوْلُ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ أَنَّ النِّيَّةَ بِهِ التَّأْخِيرُ بَعْدَ خَبَرِ إِنَّ؛ وَتَقْدِيرُهُ: وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَالصَّابِئُونَ كَذَلِكَ، فَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَمِثْلُهُ: فَإِنَّى وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ
أَيْ: فَإِنِّي لَغَرِيبٌ وَقَيَّارٌ بِهَا كَذَلِكَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَوْضِعِ إِنَّ؛ كَقَوْلِكَ: إِنَّ زَيْدًا وَعَمْرٌو قَائِمَانِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ خَبَرَ إِنَّ لَمْ يَتِمَّ، وَقَائِمَانِ إِنْ جَعَلْتَهُ خَبَرَ إِنَّ لَمْ يَبْقَ لِعَمْرٍو خَبَرٌ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ خَبَرَ عَمْرٍو لَمْ يَبْقَ لِإِنَّ خَبَرٌ، ثُمَّ هُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّكَ تُخْبِرُ بِالْمُثَنَّى عَنِ الْمُفْرَدِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) : عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ رَفَعَ «مَلَائِكَتُهُ»، فَخَبَرُ إِنَّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ:
إِنَّ اللَّهَ يُصَلِّي، وَأَغْنَى عَنْهُ خَبَرُ الثَّانِي؛ وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْتَ: إِنَّ عَمْرًا وَزَيْدٌ قَائِمٌ، فَرَفَعْتَ زَيْدًا، جَازَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَقَائِمٌ خَبَرَهُ، أَوْ خَبَرَ إِنَّ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ «الصَّابِئُونَ» مَعْطُوفٌ عَلَى الْفَاعِلِ فِي هَادُوا، وَهَذَا فَاسِدٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُوجِبُ كَوْنَ الصَّابِئِينَ هُودًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالثَّانِي: أَنَّ الضَّمِيرَ لَمْ يُؤَكَّدْ. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ خَبَرُ الصَّابِئِينَ مَحْذُوفًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْوَى بِهِ التَّأْخِيرُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ لُزُومِ الْحَذْفِ، وَالْفَصْلِ. وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ إِنْ بِمَعْنَى نَعِمْ، فَمَا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، فَالصَّابِئُونَ كَذَلِكَ.


الصفحة التالية
Icon