وَمَا، وَذَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ، وَيَضْعُفُ أَنْ يُجْعَلَ «ذَا» بِمَعْنَى الَّذِي هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا عَائِدَ هُنَا، وَحَذْفُ الْعَائِدِ مَعَ حَرْفِ الْجَرِّ ضَعِيفٌ.
(إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) وَ (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الْمَائِدَةِ: ١١٨] مِثْلُ: (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [الْبَقَرَةِ: ٣٢] وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١١٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ «يَوْمَ»، وَالتَّقْدِيرُ: إِذْ يَقُولُ، وَوَقَعَتْ هُنَا «إِذْ» هِيَ لِلْمَاضِي عَلَى حِكَايَةِ الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: اذْكُرْ إِذْ يَقُولُ. (يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأَلِفِ مِنْ عِيسَى فَتْحَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ بِابْنٍ، وَهُوَ بَيْنَ عَلَمَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا ضَمَّةٌ، وَهِيَ مِثْلُ قَوْلِكَ: يَا زَيْدُ بْنَ عُمَرَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّهَا، فَإِذَا قَدَّرْتَ الضَّمَّ، جَازَ أَنْ تَجْعَلَ «ابْنَ مَرْيَمَ» صِفَةً وَبَيَانًا وَبَدَلًا.
(إِذْ أَيَّدْتُكَ) : الْعَامِلُ فِي إِذْ «نِعْمَتِي». وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ نِعْمَتِي، وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ عَلَى السَّعَةِ، وَأَيَّدْتُكَ، وَآيَدْتُكَ: قَدْ قُرِئَ بِهِمَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ. (تُكَلِّمُ النَّاسَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْكَافِ فِي «أَيَّدْتُكَ».
وَ (فِي الْمَهْدِ) : ظَرْفٌ لِـ «تُكَلِّمُ»، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي «تُكَلِّمُ».