وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَحْتِهِمْ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِجَعَلَ، أَوْ حَالًا مِنَ الْأَنْهَارِ، وَتَجْرِي فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْجَارِّ؛ أَيْ: وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ مِنْ تَحْتِهِمْ جَارِيَةً؛ أَيِ: اسْتَقَرَّتْ جَارِيَةً وَ (مِنْ بَعْدِهِمْ) : يَتَعَلَّقُ بِأَنْشَأْنَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ قَرْنٍ لِأَنَّهُ ظَرْفُ زَمَانٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي قِرْطَاسٍ) : نَعْتٌ لِكِتَابٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِكِتَابٍ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ. وَالْكِتَابُ هُنَا: الْمَكْتُوبُ فِي الصَّحِيفَةِ لَا نَفْسُ الصَّحِيفَةِ.
وَالْقِرْطَاسُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا.
وَالْهَاءُ فِي «لَمَسُوهُ» يَجُوزُ أَنْ تَرْجِعَ عَلَى قِرْطَاسٍ، وَأَنْ تَرْجِعَ عَلَى كِتَابٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ) (٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا يَلْبِسُونَ) :«مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَهِيَ مَفْعُولُ: لَبَسْنَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (١٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى أَصْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَبِضَمِّهَا عَلَى أَنَّهُ أَتْبَعَ حَرَكَتَهَا حَرَكَةَ التَّاءِ؛ لِضَعْفِ الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا. وَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَهُوَ فَاعِلُ حَاقَ. وَ (بِهِ) : يَتَعَلَّقُ بِـ «يَسْتَهْزِئُونَ».
وَ (مِنْهُمْ) : الضَّمِيرُ لِلرُّسُلِ، فَيَكُونُ مِنْهُمْ مُتَعَلِّقًا بِسَخِرُوا لِقَوْلِهِ: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ.