التَّاءِ - إِلَّا تِلْقَاءٌ وَتِبْيَانٌ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ ذَلِكَ فِي الْأَسْمَاءِ نَحْوَ التِّمْثَالِ، وَالتِّمْسَاحِ، وَالتِّقْصَارِ. وَانْتِصَابُ «تِلْقَاءَ» هَاهُنَا عَلَى الظَّرْفِ؛ أَيْ: نَاحِيَةَ أَصْحَابِ النَّارِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) (٤٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا أَغْنَى) : وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مَا» نَافِيَةً، وَأَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامًا.
قَالَ تَعَالَى: (أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (٤٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا يَنَالُهُمُ) : تَقْدِيرُهُ: أَقْسَمْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنْ لَا يَنَالَهُمْ، فَلَا يَنَالُهُمْ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ.
(ادْخُلُوا) : تَقْدِيرُهُ: فَالْتَفَتُوا إِلَى أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، فَقَالُوا: ادْخُلُوا، وَيُقْرَأُ فِي الشَّاذِّ: وَادْخُلُوا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَذَلِكَ يُقَالُ بَعْدَ دُخُولِهِمْ. (لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) : إِذَا قُرِئَ «ادْخُلُوا» عَلَى الْأَمْرِ كَانَتِ الْجُمْلَةُ حَالًا؛ أَيِ: ادْخُلُوا آمِنِينَ، وَإِذَا قُرِئَ عَلَى الْخَبَرِ كَانَ رُجُوعًا مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) (٥٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ أَفِيضُوا) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «أَنْ» مَصْدَرِيَّةً وَتَفْسِيرِيَّةً. وَ (مِنَ الْمَاءِ) : تَقْدِيرُهُ: شَيْئًا مِنَ الْمَاءِ. (أَوْ مِمَّا) : قِيلَ: «أَوْ» بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «حَرَّمَهُمَا» وَقِيلَ: هِيَ عَلَى بَابِهَا، وَحَرَّمَهُمَا عَلَى الْمَعْنَى، فَيَكُونُ فِيهِ حَذْفٌ؛ أَيْ: كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا.