قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (٥٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُغْشِي اللَّيْلَ) : فِي مَوْضِعِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «خَلَقَ» وَخَبَرُ إِنَّ عَلَى هَذَا «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ». وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَيُغْشِي بِالتَّخْفِيفِ وَضَمِّ الْيَاءِ، وَهُوَ مِنْ أَغْشَى، وَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ؛ أَيْ: يُغْشِي اللَّهُ اللَّيْلَ النَّهَارَ. وَيُقْرَأُ «يُغَشِّي» بِالتَّشْدِيدِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَيُقْرَأُ «يَغْشِي» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالتَّخْفِيفِ، وَاللَّيْلُ فَاعِلُهُ. (يَطْلُبُهُ) : حَالٌ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مِنَ النَّهَارِ. وَ (حَثِيثًا) : حَالٌ مِنَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّهَارِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: يَطْلُبُ اللَّيْلُ النَّهَارَ مَحْثُوثًا، وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: طَلَبًا حَثِيثًا. (وَالشَّمْسَ) : يُقْرَأُ بِالنَّصْبِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَخَلَقَ الشَّمْسَ، وَمَنْ رَفَعَ اسْتَأْنَفَ.
قَالَ تَعَالَى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٥٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَخُفْيَةً) : يُقْرَأُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَالْمَصْدَرَانِ حَالَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ، وَمِثْلُهُ: (خَوْفًا وَطَمَعًا) [الْأَعْرَافِ: ٥٦].


الصفحة التالية
Icon