عَلَى الْأَصْلِ كَمَا خَرَجَ وُقِّتَتْ وَوُجُوهٌ، كَرَاهِيَةَ اجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: أَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ وَأَلَ يَئِلُ إِذَا نَجَا، فَأَصْلُهَا أَوْأَلَ، ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ بِأَنْ أُبْدِلَتْ وَاوًا، ثُمَّ أُدْغِمَتِ الْأُولَى فِيهَا، وَهَذَا لَيْسَ بِقِيَاسٍ، بَلِ الْقِيَاسُ فِي تَخْفِيفِ مِثْلِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ أَنْ تُلْقَى حَرَكَتُهَا عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا وَتُحْذَفَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ آلَ يَئُولُ ; فَأَصْلُ الْكَلِمَةِ أَوَّلَ، ثُمَّ أُخِّرَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ فَجُعِلَتْ بَعْدَ الْوَاوِ ثُمَّ عُمِلَ فِيهَا مَا عُمِلَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَوَزْنُهُ الْآنَ أَعْفَلُ.
(كَافِرٍ) : لَفْظُهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ ; أَيْ أَوَّلُ الْكُفَّارِ كَمَا يُقَالُ هُوَ أَحْسَنُ رَجُلٍ وَقِيلَ التَّقْدِيرُ أَوَّلُ فَرِيقٍ كَافِرٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ((٤٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ) : هُوَ مَجْزُومٌ بِالْعَطْفِ عَلَى وَلَا تَلْبِسُوا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى الْجَوَابِ بِالْوَاوِ ; أَيْ لَا تَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا ; كَقَوْلِكَ لَا تَأْكُلِ السَّمَكَ وَتَشْرَبِ اللَّبَنَ. (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ لَا تَلْبِسُوا وَتَكْتُمُوا.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) : أَصْلُ أَقِيمُوا أَقْوِمُوا، فَعَمِلَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) : أَصْلُهُ: آتِيُوا فَاسْتُثْقِلَتِ الضَّمَّةُ عَلَى الْيَاءِ فَسُكِّنَتْ وَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ثُمَّ حُرِّكَتِ التَّاءُ بِحَرَكَةِ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ، وَقِيلَ ضُمَّتْ تَبَعًا لِلْوَاوِ كَمَا ضُمَّتْ فِي اضْرِبُوا وَنَحْوِهِ، وَأَلِفُ الزَّكَاةِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لِقَوْلِهِمْ زَكَا الشَّيْءُ يَزْكُو، وَقَالُوا فِي الْجَمْعِ زَكَوَاتٌ.


الصفحة التالية
Icon