أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَلِفَ مَحْذُوفَةٌ، وَأَصْلُ الْأَلِفِ الْيَاءُ، وَفُتِحَتِ الْمِيمُ قَبْلَهَا، فَانْقَلَبَتْ أَلِفًا، وَبَقِيَتِ الْفَتْحَةُ تَدُلُّ عَلَيْهَا، كَمَا قَالُوا: يَا بِنْتَ عَمَّا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ جَعَلَ ابْنَ وَالْأُمَّ بِمَنْزِلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَبَنَاهُمَا عَلَى الْفَتْحِ.
(فَلَا تُشْمِتْ) : الْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ التَّاءِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ. وَ (الْأَعْدَاءَ) : مَفْعُولُهُ، وَقُرِئَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ، وَالْأَعْدَاءُ فَاعِلُهُ، وَالنَّهْيُ فِي اللَّفْظِ لِلْأَعْدَاءِ، وَفِي الْمَعْنَى لِغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مُوسَى كَمَا تَقُولُ لَا أَرَيْنَكَ هَاهُنَا، وَقُرِئَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ، وَنَصْبِ الْأَعْدَاءِ؛ وَالتَّقْدِيرُ: لَا تَشْمَتْ أَنْتَ بِيَ، فَتُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ، فَحُذِفَ الْفِعْلُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٣٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ) : مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ «إِنَّ رَبَّكَ بَعْدَهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: غَفُورٌ لَهُمْ، أَوْ رَحِيمٌ بِهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (١٥٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى) : الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الْأَلْوَاحِ.
(لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) : فِي اللَّامِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هِيَ بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ رَبِّهِمْ
فَمَفْعُولُ يَرْهَبُونَ عَلَى هَذَا مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: يَرْهَبُونَ عِقَابَهُ. وَالثَّانِي: هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: وَالَّذِينَ هُمْ يَخْشَعُونَ لِرَبِّهِمْ. وَالثَّالِثُ: هِيَ زَائِدَةٌ، وَحَسُنَ ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ الْفِعْلُ.