قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ) : مَوْضِعُ نَصْبٍ بِإِضْمَارِ أَعْنِي؛ أَيْ: فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى إِضْمَارِ هُوَ؛، وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلَّهِ، أَوْ بَدَلًا مِنْهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِإِلَيْكُمْ وَحَالِهِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِرَسُولٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١٦٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَطَّعْنَا بِمَعْنَى صَيَّرَنَا، فَيَكُونُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَفْعُولًا ثَانِيًا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حَالًا؛ أَيْ: فَرَّقْنَاهُمْ فِرَقًا. وَ (عَشْرَةَ) : بِسُكُونِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا لُغَاتٌ، قَدْ قُرِئَ بِهَا. وَ (أَسْبَاطًا) : بَدَلٌ مِنَ «اثْنَتَيْ عَشْرَةَ»، لَا تَمْيِيزَ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ. وَ (أُمَمًا) : نَعْتٌ لِأَسْبَاطٍ، أَوْ بَدَلٌ بَعْدَ بَدَلٍ وَأَنَّثَ «اثْنَتَيْ عَشْرَةَ» ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُمَّةً. (أَنِ اضْرِبْ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى أَيْ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) (١٦١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حِطَّةٌ) : هُوَ مِثْلُ الَّذِي فِي الْبَقَرَةِ. وَ (نَغْفِرْ لَكُمْ) : قَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا هَاهُنَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (١٦٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَنِ الْقَرْيَةِ) : أَيْ عَنْ خَبَرِ الْقَرْيَةِ، وَهَذَا الْمَحْذُوفُ هُوَ النَّاصِبُ لِلظَّرْفِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: إِذْ يَعْدُونَ،


الصفحة التالية
Icon