قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ) : بِكُمْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَالْبَحْرُ مَفْعُولٌ
أَوَّلٌ، وَالْبَاءُ هُنَا فِي مَعْنَى اللَّامِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: بِسَبَبِكُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُعَدِّيَةُ كَقَوْلِكَ: ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: أَفْرَقْنَاكُمُ الْبَحْرَ، وَيَكُونُ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ) [الْأَعْرَافِ: ١٣٨]. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلْحَالِ ; أَيْ فَرَقْنَا الْبَحْرَ، وَأَنْتُمْ بِهِ، فَيَكُونُ إِمَّا حَالًا مُقَدَّرَةً أَوْ مُقَارِنَةً. (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْعَامِلُ «أَغْرَقْنَا».
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ) ((٥١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاعَدْنَا مُوسَى) : وَعَدَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، تَقُولُ وَعَدْتُ زِيدًا مَكَانَ كَذَا، وَيَوْمَ كَذَا، فَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مُوسَى، وَ «أَرْبَعِينَ» الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ تَمَامَ أَرْبَعِينَ، وَلَيْسَ أَرْبَعِينَ ظَرْفًا، إِذْ لَيْسَ الْمَعْنَى وَعَدَهُ فِي أَرْبَعِينَ.
وَيُقْرَأُ وَاعَدْنَا بِأَلِفٍ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ الْوَاقِعَةِ مِنَ اثْنَيْنِ، بَلْ مِثْلَ قَوْلِكَ: عَافَاهُ اللَّهُ، وَعَاقَبْتُ اللِّصَّ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْوَعْدَ مِنَ اللَّهِ، وَالْقَبُولَ مِنْ مُوسَى، فَصَارَ كَالْوَعْدِ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَعِدَ بِالْوَفَاءِ فَفَعَلَ.
وَ (مُوسَى) : مُفْعَلٌ، مِنْ أَوْسَيْتُ رَأْسَهُ، إِذَا حَلَقْتُهُ ; فَهُوَ مِثْلُ أَعْطَى فَهُوَ مُعْطًى.
وَقِيلَ: هُوَ فُعْلَى مِنْ مَاسَ يَمِيسُ إِذَا تَبَخْتَرَ فِي مَشْيِهِ، فَمُوسِيُّ الْحَدِيدِ مِنْ هَذَا


الصفحة التالية
Icon