قَالَ تَعَالَى: (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ هُوَ) : مَنْ أَسْكَنَ الْهَاءَ شَبَّهَ «ثُمَّ» بِالْوَاوِ وَالْفَاءِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَؤُلَاءِ) : فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَ «الَّذِينَ أَغْوَيْنَا» صِفَةٌ لِخَبَرِ «هَؤُلَاءِ» الْمَحْذُوفِ؛ أَيْ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا.
وَ (أَغْوَيْنَاهُمْ) : مُسْتَأْنَفٌ ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ؛ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «أَغْوَيْنَاهُمْ» خَبَرًا، وَ «الَّذِينَ أَغْوَيْنَا» صِفَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي صِفَةِ الْمُبْتَدَأِ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَقَدْ وَصَلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «كَمَا غَوَيْنَا» وَفِيهِ زِيَادَةٌ؟.
قِيلَ: الزِّيَادَةُ بِالظَّرْفِ لَا تُصَيِّرُهُ أَصْلًا فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الظُّرُوفَ فَضَلَاتٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ «هَؤُلَاءِ» مُبْتَدَأً، وَ «الَّذِينَ» صِفَةً. وَ «أَغْوَيْنَاهُمْ» الْخَبَرَ مِنْ أَجْلِ مَا اتَّصَلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَرْفًا؛ لِأَنَّ الْفَضَلَاتِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تَلْزَمُ، كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ عَمْرٌو فِي دَارِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ) :«مَا» نَافِيَةٌ. وَقِيلَ: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مِمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ؛ أَيْ مِنْ عِبَادَتِهِمْ إِيَّانَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) :«مَا» هَاهُنَا: نَفِيٌ أَيْضًا.
وَقِيلَ: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ؛ أَيْ يَخْتَارُ اخْتِيَارَهُمْ، بِمَعْنَى مُخْتَارِهِمْ.