قَالَ تَعَالَى: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (٥٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا تُوعَدُونَ) : بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَالضَّمِيرُ لِلْمُتَّقِينَ، وَبِالتَّاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَقِيلَ لَهُمْ هَذَا مَا تُوعَدُونَ، وَالْمَعْنَى: هَذَا مَا وَعَدْتُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَالَهُ مِنْ نَفَادٍ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الرِّزْقِ، وَالْعَامِلُ الْإِشَارَةُ؛ أَيْ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا بَاقِيًا.
قَالَ تَعَالَى: (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٥٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَذَا) أَيِ الْأَمْرُ هَذَا. ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: «وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ».
وَ (جَهَنَّمَ) : بَدَلٌ مِنْ «شَرَّ».
وَ (يَصْلَوْنَهَا) : حَالٌ الْعَامِلُ فِيهِ الِاسْتِقْرَارُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «لِلطَّاغِينَ».
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: يَصْلَوْنَ جَهَنَّمَ، فَحُذِفَ الْفِعْلُ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ.
قَالَ تَعَالَى: (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَذَا) : هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَفِي الْخَبَرِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: (فَلْيَذُوقُوهُ) مِثْلُ قَوْلِكَ: زَيْدٌ اضْرِبْهُ.
وَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ الْفَاءِ؛ وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْجَوَابِ، كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا). فَأَمَّا (حَمِيمٌ) عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ هَذَا، وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ هُوَ حَمِيمٌ، وَأَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ يَكُونَ (حَمِيمٌ) خَبَرَ (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ) معترض بَينهمَا
وَقيل هَذَا فِي مَوضِع نصب أَي فليذوقوا هَذَا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ (حَمِيمٌ) أَيْ هُوَ حَمِيمٌ.


الصفحة التالية
Icon