وَقِيلَ: لَا حَذْفَ، وَقَعِيدٌ بِمَعْنَى قَعِيدَانِ، وَأَغْنَى الْوَاحِدُ عَنْ الِاثْنَيْنِ، وَقَدْ سَبَقَتْ لَهُ نَظَائِرُ. وَ (رَقِيبٌ عَتِيدٌ) : وَاحِدٌ فِي اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى: رَقِيبَانِ عَتِيدَانِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِالْحَقِّ) : هُوَ حَالٌ، أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَعَهَا سَائِقٌ) : الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِنَفْسٍ، أَوْ كُلٍّ، أَوْ حَالٌ مِنْ كُلٍّ؛ وَجَازَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُمُومِ، وَالتَّقْدِيرُ: يُقَالُ لَهُ: لَقَدْ كُنْتَ، وَذُكِّرَ عَلَى الْمَعْنَى.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَذَا) : مُبْتَدَأٌ، وَفِي «مَا» وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ نَكِرَةٌ، وَ «عَتِيدٌ» صِفَتُهَا. وَ «لَدَيَّ» مَعْمُولُ عَتِيدٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «لَدَيَّ» صِفَةً أَيْضًا، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَ «مَا» وَصِفَتُهَا خَبَرُ هَذَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ «مَا» مُبْتَدَأً، وَ «لَدَيَّ» صِلَةً، وَ «عَتِيدٌ» خَبَرَ «مَا» وَالْجُمْلَةُ خَبَرَ «هَذَا». وَيَجُوزُ أَنَّ تَكُونَ «مَا» بَدَلًا مِنْ هَذَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «عَتِيدٌ» خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَيَكُونُ «مَا لَدَيَّ» خَبَرًا عَنْ «هَذَا» أَيْ هُوَ عَتِيدٌ، وَلَوْ جَاءَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَجَازَ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ.
قَالَ تَعَالَى: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلْقِيَا) أَيْ يُقَالُ ذَلِكَ، وَفِي لَفْظِ التَّثْنِيَةِ هُنَا أَوْجُهٌ؛ أَحَدُهَا: أَنَّهُ خِطَابُ الْمَلَكَيْنِ. وَالثَّانِي: هُوَ لِوَاحِدٍ، وَالْأَلِفُ عِوَضٌ مِنْ تَكْرِيرِ الْفِعْلِ؛ أَيْ أَلْقِ أَلْقِ.
وَالثَّالِثُ: هُوَ لِوَاحِدٍ؛ وَلَكِنْ خَرَجَ عَلَى لَفْظِ التَّثْنِيَةِ عَلَى عَادَتِهِمْ، كَقَوْلِهِمْ خَلِيلِيَّ عُوجَا،


الصفحة التالية
Icon