سُورَةُ التَّحْرِيمِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ... (١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَبْتَغِي) : هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «تُحَرِّمُ» وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.
قَالَ تَعَالَى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ... (٢)).
وَأَصْلُ (تَحِلَّةَ) : تَحْلِلَةَ، فَأُسْكِنَ الْأَوَّلُ وَأُدْغِمَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣)).
وَ (إِذْ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِاذْكُرْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَرَّفَ بَعْضَهُ) : مَنْ شَدَّدَ عَدَّاهُ إِلَى اثْنَيْنِ، وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ؛ أَيْ عَرَّفَ بَعْضَهُ بَعْضَ نِسَائِهِ، وَمَنْ خَفَّفَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُجَازَاةِ، لَا عَلَى حَقِيقَةِ الْعِرْفَانِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَارِفًا بِالْجَمِيعِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الْبَقَرَةِ: ٢٣٤] وَنَحْوَهُ؛ أَيْ يُجَازِيكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ تَتُوبَا) : جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: فَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْكُمَا، أَوْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمَا، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ (فَقَدْ صَغَتْ) لِأَنَّ إِصْغَاءَ الْقَلْبِ إِلَى ذَلِكَ ذَنْبٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلُوبُكُمَا) : إِنَّمَا جَمَعَ، وَهُمَا اثْنَانِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ قَلْبًا، وَمَا لَيْسَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ جَازَ أَنْ يُجْعَلَ الِاثْنَانِ فِيهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَجَازَ أَنْ يُجْعَلَ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ.
وَقِيلَ: وَجْهُهُ أَنَّ التَّثْنِيَةَ جَمْعٌ.


الصفحة التالية
Icon