سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْمُزَّمِّلُ) : أَصْلُهُ الْمُتَزَمِّلُ؛ فَأُبْدِلَتِ التَّاءُ زَايًا، وَأُدْغِمَتْ.
وَقَدْ قُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ؛ وَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ مُضَاعَفٌ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ؛ أَيِ الْمُزَّمِّلُ نَفْسَهُ. وَالثَّانِي: هُوَ مُفْتَعِلٌ؛ فَأُبْدِلَتِ الْفَاءُ مِيمًا.
قَالَ تَعَالَى: (نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (نِصْفَهُ) : فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ بَدَلٌ مِنَ «اللَّيْلِ» بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ؛ وَ «إِلَّا قَلِيلًا» : اسْتِثْنَاءٌ مِنْ نِصْفَهُ.
وَالثَّانِي: هُوَ بَدَلٌ مِنْ «قَلِيلًا» وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى: «أَوِ انْقُصْ مِنْهُ»، «أَوْ زِدْ عَلَيْهِ» وَالْهَاءُ فِيهِمَا لِلنِّصْفِ؛ فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النِّصْفِ لَصَارَ التَّقْدِيرُ: قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ قَلِيلًا، أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا؛ أَيْ عَلَى الْبَاقِي؛ وَالْقَلِيلُ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُقَدَّرٍ، فَالنُّقْصَانُ مِنْهُ لَا يُعْقَلُ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَشَدُّ وَطْئًا) : بِكَسْرِ الْوَاوِ بِمَعْنَى مُوَاطَأَةً؛ وَبِفَتْحِهَا. وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ. وَوَطْأً عَلَى فَعْلٍ، وَهُوَ مَصْدَرُ وَطِئَ، وَهُوَ تَمْيِيزٌ.