قَالَ تَعَالَى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوْ كَفُورًا) :«أَوْ» هُنَا عَلَى بَابِهَا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَتُفِيدُ فِي النَّهْيِ الْمَنْعُ مِنَ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ فِي الْإِبَاحَةِ جَالِسِ الْحَسَنَ أَوِ ابْنَ سِيرِينَ؛ كَانَ التَّقْدِيرُ: جَالِسْ أَحَدَهُمَا؛ فَإِذَا نَهَى قَالَ: لَا تُكَلِّمْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا؛ فَالتَّقْدِيرُ: لَا تُكَلِّمْ أَحَدَهُمَا، فَأَيَّهُمَا كَلَّمَهُ كَانَ أَحَدَهُمَا، فَيَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْهُ؛ فَكَذَلِكَ فِي الْآيَةِ، وَيَؤُولُ الْمَنْعُ إِلَى تَقْدِيرِ: فَلَا تُطِعْ مِنْهُمَا آثِمًا وَلَا كَفُورًا.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ... (٣٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) : أَيْ إِلَّا وَقْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ، أَوْ إِلَّا فِي حَالِ مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ تَعَالَى: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٣١)).
وَ (الظَّالِمِينَ) : مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: وَيُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ، وَفَسَّرَهُ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ؛ وَكَانَ النَّصْبُ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ قَدْ عَمِلَ فِيهِ الْفِعْلُ. وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon