قَالَ تَعَالَى: (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَقًّا) : قَدْ ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي النِّسَاءِ.
وَ (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظَرْفٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الِاسْتِقْرَارُ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ دَرَجَاتٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأُجُورُ.
قَالَ تَعَالَى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) (٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَمَا أَخْرَجَكَ) : فِي مَوْضِعِ الْكَافِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، ثُمَّ فِي ذَلِكَ الْمَصْدَرِ أَوْجُهٌ، تَقْدِيرُهُ: ثَابِتَةٌ لِلَّهِ ثُبُوتًا كَمَا أَخْرَجَكَ. وَالثَّانِي: وَأَصْلَحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ إِصْلَاحًا، كَمَا أَخْرَجَكَ، وَفِي هَذَا رُجُوعٌ مِنْ خِطَابِ الْجَمْعِ إِلَى خِطَابِ الْوَاحِدِ. وَالثَّالِثُ تَقْدِيرُهُ: وَأَطِيعُوا اللَّهَ طَاعَةً كَمَا أَخْرَجَكَ، وَالْمَعْنَى طَاعَةً مُحَقَّقَةً. وَالرَّابِعُ تَقْدِيرُهُ: يَتَوَكَّلُونَ تَوَكُّلًا كَمَا أَخْرَجَكَ. وَالْخَامِسُ: هُوَ صِفَةٌ لِحَقٍّ تَقْدِيرُهُ: أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا؛ مِثْلُ مَا أَخْرَجَكَ. وَالسَّادِسُ تَقْدِيرُهُ: يُجَادِلُونَكَ جِدَالًا كَمَا أَخْرَجَكَ. وَالسَّابِعُ تَقْدِيرُهُ: وَهُمْ كَارِهُونَ كَرَاهِيَةً كَمَا أَخْرَجَكَ؛ أَيْ: كَكَرَاهِيَتِهِمْ، أَوْ كَرَاهِيَتِكَ لِإِخْرَاجِكَ.
وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْكَافَ بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي لِلْقَسَمِ، وَهُوَ بَعِيدٌ.
وَ «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ وَ «بِالْحَقِّ» حَالٌ وَقَدْ ذُكِرَ نَظَائِرُهُ. (وَإِنَّ فَرِيقًا) : الْوَاوُ هُنَا وَاوُ الْحَالِ.