بَيْنَ بَيْنَ كَمَا جُعِلَتْ هَمْزَةُ أَئِذَا؛ لِأَنَّ الْكَسْرَةَ هُنَا مَنْقُولَةٌ، وَهُنَاكَ أَصْلِيَّةٌ، وَلَوْ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ هُنَا عَلَى الْقِيَاسِ لَكَانَتْ أَلِفًا لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَلَكِنْ تُرِكَ ذَلِكَ لِتَتَحَرَّكَ بِحَرَكَةِ الْمِيمِ فِي الْأَصْلِ.
قَالَ تَعَالَى: (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَّلَ مَرَّةٍ) : هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ.
(فَاللَّهُ أَحَقُّ) : مُبْتَدَأٌ، وَفِي الْخَبَرِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ «أَحَقُّ» وَ «أَنْ تَخْشَوْهُ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَوْ جَرٍّ؛ أَيْ: بِأَنْ تَخْشَوْهُ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ أَيْ: أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ تَخْشَوْهُ، أَوْ أَنْ تَخْشَوْهُ مُبْتَدَأٌ بَدَلٌ مِنِ اسْمِ اللَّهِ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ، وَأَحَقُّ الْخَبَرُ، وَالتَّقْدِيرُ: خَشْيَةُ اللَّهِ أَحَقُّ. وَالثَّانِي: أَنَّ «أَنْ تَخْشَوْهُ» مُبْتَدَأٌ، وَأَحَقُّ خَبَرُهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ اللَّهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَتُوبُ اللَّهُ) : مُسْتَأْنَفٌ، وَلَمْ يُجْزَمْ؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ لَيْسَتْ جَزَاءً عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ.
وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ أَنْ.
قَالَ تَعَالَى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (١٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (شَاهِدِينَ) : حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي «يَعْمُرُوا».
قَوْلُهُ تَعَالَى: (