قَالَ تَعَالَى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (٦١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ) : أُذُنُ: خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: هُوَ.
وَيُقْرَأُ بِالْإِضَافَةِ؛ أَيْ: مُسْتَمِعُ خَبَرٍ، وَيُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ وَرَفْعِ خَيْرٍ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِأُذُنٍ، وَالتَّقْدِيرُ: أُذُنٌ ذُو خَيْرٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «خَيْرٍ» بِمَعْنَى أَفْعَلَ؛ أَيْ: أُذُنٌ أَكْثَرُ خَيْرًا لَكُمْ.
(يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةٍ أَيْضًا، وَاللَّامُ فِي: «لِلْمُؤْمِنِينَ» زَائِدَةٌ دَخَلَتْ لِتُفَرِّقَ بَيْنَ يُؤْمِنُ بِمَعْنَى يُصَدِّقُ، وَيُؤْمِنُ بِمَعْنَى يُثْبِتُ الْأَمَانَ.
(وَرَحْمَةٌ) : بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى «أُذُنُ» ؛ أَيْ: هُوَ أُذُنٌ وَرَحْمَةٌ، وَيُقْرَأُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى خَيْرٍ فِيمَنْ جَرَّ خَيْرًا.
قَالَ تَعَالَى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ) (٦٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ) : مُبْتَدَأٌ، وَ (أَحَقُّ) : خَبَرُهُ، وَالرَّسُولُ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ، وَخَبَرُهُ
مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ الْأَوَّلِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَحَقُّ خَبَرُ الرَّسُولِ، وَخَبَرُ الْأَوَّلِ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ أَقْوَى إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ خَبَرُ الْأَقْرَبِ إِلَيْهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا عِنْـ ـدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ.
وَقِيلَ: «أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ» خَبَرٌ عَنِ الِاسْمَيْنِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الرَّسُولِ تَابِعٌ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى،


الصفحة التالية
Icon