وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَفِي الْخَبَرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: «الْأَوَّلُونَ» وَالْمَعْنَى: وَالسَّابِقُونَ إِلَى الْهِجْرَةِ الْأَوَّلُونَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ، أَوْ وَالسَّابِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ الْأَوَّلُونَ إِلَى الْهِجْرَةِ. وَالثَّانِي: الْخَبَرُ «مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ السَّابِقِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْخَبَرَ «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» وَيُقْرَأُ «وَالْأَنْصَارُ» بِالرَّفْعِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى «السَّابِقُونَ»، أَوْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وَالْخَبَرُ «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» وَذَلِكَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.
وَبِإِحْسَانٍ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي «اتَّبَعُوهُمْ».
(تَجْرِي تَحْتَهَا) : وَ «مِنْ تَحْتِهَا» وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاضِحٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) (١٠١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِمَّنْ) : مَنْ بِمَعْنَى الَّذِي، وَ (مُنَافِقُونَ) : مُبْتَدَأٌ، وَمَا قَبْلَهُ الْخَبَرُ.
وَ (مَرَدُوا) : صِفَةٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَوْمٌ مَرَدُوا. وَقِيلَ: مَرَدُوا صِفَةٌ لَمُنَافِقُونَ، وَقَدْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَوْمٌ كَذَلِكَ.
(لَا تَعْلَمُهُمْ) : صِفَةُ أُخْرَى، مِثْلُ مَرَدُوا.
وَ (نَعْلَمُهُمْ) : بِمَعْنَى نَعْرِفُهُمْ، فَهِيَ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٠٢).