وَالثَّانِي: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ) ؛ أَيْ: مِنْهُمْ، فَحُذِفَ الْعَائِدُ لِلْعِلْمِ بِهِ.
وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ وَاوٍ؛ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ (أَفَمَنْ أَسَّسَ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(ضِرَارًا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِاتَّخَذُوا، وَكَذَلِكَ مَا بَعْدَهُ، وَهَذِهِ الْمَصَادِرُ كُلُّهَا وَاقِعَةٌ مَوْضِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ؛ أَيْ: مُضِرًّا وَمُفْتَرِقًا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا مَفْعُولًا لَهُ.
قَالَ تَعَالَى: (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (١٠٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَمَسْجِدٌ) : اللَّامُ لَامُ الِابْتِدَاءِ، وَقِيلَ: جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَ «أَسَّسَ» نَعْتٌ لَهُ.
وَ (مِنْ أَوَّلِ) : يَتَعَلَّق ُ بِأَسَّسَ؛ وَالتَّقْدِيرُ عِنْدَ بَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ: مِنْ تَأْسِيسِ أَوَّلِ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ «مِنْ» لَا تَدْخُلُ عَلَى الزَّمَانِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمُنْذُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ التَّأْسِيسَ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ بِمَكَانٍ حَتَّى تَكُونَ «مِنْ» لِابْتِدَاءِ غَايَتِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ «مِنْ» عَلَى الزَّمَانِ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ دُخُولِهَا عَلَى «قَبْلَ» الَّتِي يُرَادُ بِهَا الزَّمَانُ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ.
وَالْخَبَرُ: (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ) وَ «فِيهِ» الْأُولَى تَتَعَلَّقُ بِـ «تَقُومَ»، وَالتَّاءُ لِخِطَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(فِيهِ رِجَالٌ) : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هُوَ صِفَةٌ لِمَسْجِدٍ جَاءَتْ بَعْدَ الْخَبَرِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْجُمْلَةَ حَالٌ مِنَ الْهَاءِ فِي «فِيهِ» الْأُولَى، وَالْعَامِلُ فِيهِ «تَقُومَ». وَالثَّالِثُ: هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قَالَ تَعَالَى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠٩).


الصفحة التالية
Icon