قَالَ تَعَالَى: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٤))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعْدَ اللَّهِ) : هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) ; لِأَنَّ هَذَا وَعْدٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ بِالْبَعْثِ.
وَ (حَقًّا) : مَصْدَرٌ آخَرُ، تَقْدِيرُهُ حَقَّ ذَلِكَ حَقًّا.
(إِنَّهُ يَبْدَأُ) : الْجُمْهُورُ عَلَى كَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ ; وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا; وَالتَّقْدِيرُ: حَقَّ أَنَّهُ يَبْدَأُ، فَهُوَ فَاعِلٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: لِأَنَّهُ يَبْدَأُ. وَمَاضِي يَبْدَأُ: بَدَأَ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: أَبْدَأَ. (بِمَا كَانُوا) : فِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةٍ أُخْرَى لِعَذَابٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.
قَالَ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً) : مَفْعُولَانِ ; وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (ضِيَاءً) حَالًا، وَجَعَلَ بِمَعْنَى خَلَقَ، وَالتَّقْدِيرُ: ذَاتَ ضِيَاءٍ.
وَقِيلَ الشَّمْسُ هِيَ الضِّيَاءُ. وَالْيَاءُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، لِقَوْلِكَ ضَوْءٌ، وَالْهَمْزَةُ أَصْلٌ. وَيُقْرَأُ بِهَمْزَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ. وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ الْيَاءَ وَقَدَّمَ الْهَمْزَةَ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْيَاءُ طَرَفًا بَعْدَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ قُلِبَتْ هَمْزَةً عِنْدَ قَوْمٍ، وَعِنْدَ آخَرِينَ أَلِفًا، ثُمَّ قُلِبَتِ الْأَلِفُ هَمْزَةً لِئَلَّا يَجْتَمِعَ أَلِفَانِ. (وَالْقَمَرَ نُورًا) : أَيْ ذَا نُورٍ. وَقِيلَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ; أَيْ مُنِيرًا. (