وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَعْنَى كَثْرَةُ دُعَائِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، لَا عَلَى أَنَّ الضُّرَّ يُصِيبُهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ ; وَعَلَيْهِ جَاءَتْ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ.
(كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ فِي «مَرَّ».
(إِلَى ضُرٍّ) : أَيْ إِلَى كَشْفِ ضُرٍّ. وَاللَّامُ فِي لِجَنْبِهِ عَلَى أَصْلِهَا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَالتَّقْدِيرُ دَعَانَا مُلْقِيًا لِجَنْبِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ قَبْلِكُمْ) : مُتَعَلِّقٌ بِأَهْلَكْنَا وَلَيْسَ بِحَالٍ مِنَ الْقُرُونِ ; لِأَنَّهُ زَمَانٌ.
وَ (وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا ; أَيْ وَقَدْ جَاءَتْهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى ظَلَمُوا.
قَالَ تَعَالَى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِنَنْظُرَ) : يُقْرَأُ فِي الشَّاذِّ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ وَتَشْدِيدِ الظَّاءِ، وَوَجْهُهَا أَنَّ النُّونَ الثَّانِيَةَ قُلِبَتْ ظَاءً وَأُدْغِمَتْ.
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ) : هُوَ فِعْلٌ مَاضٍ، مِنْ دَرَيْتَ، وَالتَّقْدِيرُ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَمَا أَعْلَمَكُمْ بِالْقُرْآنِ. وَيُقْرَأُ وَلَأَدْرَاكُمْ بِهِ عَلَى الْإِثْبَاتِ ; وَالْمَعْنَى وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْلَمِكُمْ بِهِ بِلَا وَاسِطَةٍ.