قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَوْلَا أَنْ رَأَى) : جَوَابُ «لَوْلَا» مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لَهَمَّ بِهَا، وَالْوَقْفُ عَلَى هَذَا: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَمْ يَهِمَّ بِهَا.
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: لَوْلَا أَنْ رَأَى الْبُرْهَانَ لَوَاقَعَ الْمَعْصِيَةَ.
(كَذَلِكَ) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ; أَيْ الْأَمر كَذَلِك
وَقيل فِي مَوضِع نصب أَي رُؤْيَةٌ كَذَلِكَ.
وَاللَّامُ فِي «لِنَصْرِفَ» مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَحْذُوفِ.
وَ (الْمُخْلَصِينَ) بِكَسْرِ اللَّامِ ; أَيِ الْمُخْلِصِينَ أَعْمَالَهُمْ. وَبِفَتْحِهَا ; أَيْ أَخْلَصَهُمُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ دُبُرٍ) : الْجُمْهُورُ عَلَى الْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ.
وَقُرِئَ فِي الشَّوَاذِّ بِثَلَاثِ ضَمَّاتٍ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ ; وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ ; لِأَنَّهُ قُطِعَ عَنِ الْإِضَافَةِ ; وَالْأَصْلُ مِنْ دُبُرِهِ وَقُبُلِهِ، ثُمَّ فُعِلَ فِيهِ مَا فُعِلَ فِي قَبْلُ وَبَعْدُ ; وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لَا تَلْزَمُهُ كَمَا تَلْزَمُ الظُّرُوفُ الْمَبْنِيَّةُ لِقَطْعِهَا عَنِ الْإِضَافَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (٢٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُوسُفُ أَعْرِضْ) : الْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ الْفَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: يَا يُوسُفُ.
وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِالْفَتْحِ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ أَخْرَجَهُ عَلَى أَصْلِ الْمُنَادَى، كَمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ: يَا عَدِيًّا لَقَدْ وَقَتْكَ الْأَوَاقِي