قَالَ تَعَالَى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠) يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (٤١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ) :«أَمْ» هُنَا مُتَّصِلَةٌ.
(سَمَّيْتُمُوهَا) : يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَقَدْ حُذِفَ الثَّانِي ; أَيْ سَمَّيْتُمُوهَا آلِهَةً.
وَ «أَسْمَاءً» هُنَا بِمَعْنَى مُسَمَّيَاتٍ، أَوْ ذَوِي أَسْمَاءٍ ; لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يُعْبَدُ.
(أَمَرَ أَلَّا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا، وَ (قَدْ) مَعَهُ مُرَادَةٌ ; وَهُوَ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْعَامِلِ فِيهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْهُمَا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِنَاجٍ ; وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الَّذِي ; وَلَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِنَاجٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سِمَانٍ) : صِفَةٌ لِبَقَرَاتٍ. وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ نَصْبُهُ نَعْتًا لِسَبْعٍ.
وَ (يَأْكُلُهُنَّ) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، أَوْ نَصْبٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَمِثْلُهُ «خُضْرٍ».
(لِلرُّؤْيَا) : اللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ تَقْوِيَةً لِلْفِعْلِ لَمَّا تَقَدَّمَ مَفْعُولُهُ عَلَيْهِ ; وَيَجُوزُ حَذْفُهَا فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ: عَبَّرْتُ الرُّؤْيَا.
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (٤٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ) : أَيْ هَذِهِ.
(بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ) : أَيْ بِتَأْوِيلِ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ ; لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدَّعُوا الْجَهْلَ بِتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا.