وَيُقْرَأُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ ; أَيْ تُمْطَرُونَ ; وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ: (مِنَ الْمُعْصِرَاتِ) [النَّبَأِ: ١٤].
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ رَاوَدْتُنَّ) : الْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ: خَطْبُكُنَّ ; وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّي بِهِ الْأَمْرُ الْعَظِيمُ، وَيَعْمَلُ بِالْمَعْنَى ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ: مَا أَرَدْتُنَّ، أَوْ مَا فَعَلْتُنَّ.
قَالَ تَعَالَى: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ) : أَيِ الْأَمْرُ ذَلِكَ، وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: أَظْهَرَ اللَّهُ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) : فِي «مَا» وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ، وَمَوْضِعُهَا نَصْبٌ ; وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا وَقْتَ رَحْمَةِ رَبِّي ; وَنَظِيرُهُ: وَ (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) [النِّسَاءِ: ٢] وَقَدْ ذَكَرُوا انْتِصَابَهُ عَلَى الظَّرْفِ، وَهُوَ كَقَوْلِكَ: مَا قُمْتُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمْعَةِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ تَكُونَ «مَا» بِمَعْنَى مَنْ ; وَالتَّقْدِيرُ إِنَّ النَّفْسَ لَتَأْمُرُ بِالسُّوءِ إِلَّا لِمَنْ رَحِمَ رَبِّي ; أَوْ إِلَّا نَفْسًا رَحِمَهَا رَبِّي فَإِنَّهَا لَا تَأْمُرُ بِالسُّوءِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ) : حَيْثُ: ظَرْفٌ لِيَتَبَوَّأُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا