قَالَ تَعَالَى: (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ) فِي جَوَابِ «لَمَّا» وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ آوَى، وَهُوَ جَوَابُ «لَمَّا» الْأُولَى، وَالثَّانِيَةُ ; كَقَوْلِكَ: لَمَّا جِئْتُكَ وَلَمَّا كَلَّمْتُكَ أَجَبْتَنِي، وَحَسَّنَ ذَلِكَ أَنَّ دُخُولَهُمْ عَلَى يُوسُفَ يَعْقُبُ دُخُولَهُمْ مِنَ الْأَبْوَابِ.
وَالثَّانِي: هُوَ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: امْتَثَلُوا أَوْ قَضَوْا حَاجَةَ أَبِيهِمْ وَنَحْوُهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ مَعْنَى «مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ».
وَ (حَاجَةً) : مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، وَفَاعِلُ يُغْنِي «التَّفَرُّقُ».
قَالَ تَعَالَى: (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَالَ إِنِّي أَنَا) : هُوَ مُسْتَأْنَفٌ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا اقْتَضَى جَوَابًا وَذُكِرَ جَوَابُهُ ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَهُ «قَالَ» فَهِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (٧٣) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (٧٤) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (صُوَاعَ الْمَلِكِ) : الْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ الصَّادِ، وَأَلِفٍ بَعْدِ الْوَاوِ.
وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ أَلِفٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ الصَّادَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُهَا.
وَيُقْرَأُ «صَاعَ الْمَلِكِ». وَكُلُّ ذَلِكَ لُغَاتٌ فِيهِ، وَهُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُشْرَبُ بِهِ.


الصفحة التالية
Icon