وَيُقْرَأُ بِالْهَمْزَةِ، وَهِيَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ ; وَهُمَا لُغَتَانِ يُقَالُ: وِعَاءٌ وَإِعَاءٌ، وَوِشَاحٌ وَإِشَاحٌ، وَوِسَادَةٌ وَإِسَادَةٌ ; وَإِنَّمَا فَرُّوا إِلَى الْهَمْزِ لِثِقَلِ الْكَسْرَةِ عَلَى الْوَاوِ.
وَيُقْرَأُ بِضَمِّهَا، وَهِيَ لُغَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَقُلْ: فَاسْتَخْرَجَهَا مِنْهُ، لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ؟. قِيلَ: لَمْ يُصَرِّحْ بِتَفْتِيشِ وِعَاءِ أَخِيهِ حَتَّى يُعِيدَ ذِكْرَهُ مُضْمَرًا، فَأَظْهَرَهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى الْمَحْذُوفِ، فَتَقْدِيرُهُ: ثُمَّ فَتَّشَ وِعَاءَ أَخِيهِ، فَاسْتَخْرَجَهَا مِنْهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَذَلِكَ كِدْنَا)، وَ (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ)، وَ (دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) : كُلُّ ذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ.
(وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) : يُقْرَأُ شَاذًّا «ذِي عَالِمٍ» وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: هُوَ مَصْدَرٌ كَالْبَاطِلِ. وَالثَّانِي: ذِي زَائِدَةٌ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ، كَقَوْلِ الْكُمَيْتِ:
إِلَيْكُمْ ذَوِي آلِ النَّبِيِّ
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَضَافَ الِاسْمَ إِلَى الْمُسَمَّى ; وَهُوَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: ذِي مُسَمَّى عَالِمٍ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (٧٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَسَرَّهَا) : الضَّمِيرُ يَعُودُ إِلَى نِسْبَتِهِمْ إِيَّاهُ إِلَى السَّرَقِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ.


الصفحة التالية
Icon