قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ. وَقِيلَ: هِيَ حَالٌ مِنْ يُوسُفَ وَأَخِي ; وَفِيهِ بُعْدٌ لِعَدَمِ الْعَامِلِ فِي الْحَالِ، وَ «أَنَا» لَا يَعْمَلُ فِي الْحَالِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ «هَذَا» لِأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى وَاحِدٍ، وَ «عَلَيْنَا» رَاجِعٌ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا.
(مَنْ يَتَّقِ) : الْجُمْهُورُ عَلَى حَذْفِ الْيَاءِ. وَ «مَنْ» شَرْطٌ، وَالْفَاءُ جَوَابُهُ.
وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَشْبَعَ كَسْرَةَ الْقَافِ، فَنَشَأَتِ الْيَاءُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدَّرَ الْحَرَكَةَ عَلَى الْيَاءِ، وَحَذَفَهَا بِالْجَزْمِ، وَجَعَلَ حَرْفَ الْعِلَّةِ كَالصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ جَعَلَ «مَنْ» بِمَعْنَى الَّذِي فَالْفِعْلُ عَلَى هَذَا مَرْفُوعٌ.
وَ (يَصْبِرْ) - بِالسُّكُونِ - فِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَذَفَ الضَّمَّةَ لِئَلَّا تَتَوَالَى الْحَرَكَاتُ، أَوْ نَوَى الْوَقْفَ عَلَيْهِ، وَأَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ. وَالثَّانِي: هُوَ مَجْزُومٌ عَلَى الْمَعْنَى ; لِأَنَّ «مَنْ» هُنَا وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الَّذِي، وَلَكِنَّهَا بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْعُمُومِ وَالْإِبْهَامِ وَمِنْ هُنَا دَخَلَتِ الْفَاءُ فِي خَبَرِهَا، وَنَظِيرُهُ «فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ» - فِي قِرَاءَةِ مَنْ جَزَمَ.
وَالْعَائِدُ مِنَ الْخَبَرِ مَحْذُوفٌ ; تَقْدِيرُهُ: الْمُحْسِنِينَ مِنْهُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ ; أَيْ لَا نُضِيعُ أَجْرَهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا تَثْرِيبَ) : فِي خَبَرِ «لَا» وَجْهَانِ ;


الصفحة التالية
Icon