قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَيَكُونُ) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ ; أَيْ فَهُوَ، وَبِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى نَقُولَ، وَجَعْلُهُ جَوَابَ الْأَمْرِ بَعِيدٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَقَرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا) : مُبْتَدَأٌ، وَ «لَنُبَوِّئَنَّهُمْ» الْخَبَرُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ الْمَذْكُورُ.
(حَسَنَةً) : مَفْعُولٌ ثَانٍ لِنُبَوِّئَنَّهُمْ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَنُعْطِيَنَّهُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ ; أَيْ دَارًا حَسَنَةً ; لِأَنَّ بَوَّأْتَهُ أَنْزَلْتَهُ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ صَبَرُوا) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى إِضْمَارِ هُمْ ; أَوْ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَعْنِي.
قَالَ تَعَالَى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِالْبَيِّنَاتِ) : فِيمَا تَتَعَلَّقُ الْبَاءُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: بِـ «نُوحِي» كَمَا تَقُولُ: أَوْحَى إِلَيْهِ بِحَقٍّ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ زَائِدَةً. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الْقَائِمِ مَقَامَ الْفَاعِلِ وَهُوَ «إِلَيْهِمْ» وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَتَعَلَّقَ بِأَرْسَلْنَا ; أَيْ أَرْسَلْنَاهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ; لِأَنَّ مَا قَبْلَ «إِلَّا» لَا يَعْمَلُ فِيمَا بَعْدَهَا إِذَا تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى إِلَّا وَمَا يَلِيهَا، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: نُبِّئْتُهُمْ عَذَّبُوا بِالنَّارِ جَارَتَهُمْ وَلَا يُعَذِّبُ إِلَّا اللَّهُ بِالنَّارِ