قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ قَالَ) : أَيْ وَاذْكُرْ. (لَا أَبْرَحُ) : فِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: هِيَ النَّاقِصَةُ، وَفِي اسْمِهَا وَخَبَرِهَا وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: خَبَرُهَا مَحْذُوفٌ ; أَيْ لَا أَبْرَحُ أَسِيرُ. وَالثَّانِي: الْخَبَرُ «حَتَّى أَبْلَغَ» وَالتَّقْدِيرُ: لَا أَبْرَحُ سَيْرِي ; ثُمَّ حَذَفَ الِاسْمَ، وَجَعَلَ ضَمِيرَ الْمُتَكَلِّمِ عِوَضًا مِنْهُ، فَأَسْنَدَ الْفِعْلَ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: هِيَ التَّامَّةُ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ لَا أُفَارِقُ السَّيْرَ حَتَّى أَبْلُغَ كَقَوْلِكَ: لَا أَبْرَحُ الْمَكَانَ ; أَيْ لَا أُفَارِقُهُ.
(أَوْ أَمْضِيَ) : فِي «أَوْ» وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هِيَ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ ; أَيْ أَسِيرُ حَتَّى يَقَعَ إِمَّا بُلُوغُ الْمَجْمَعِ، أَوْ مُضِيُّ الْحُقُبِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى إِلَّا أَنْ ; أَيْ إِلَّا أَنْ أَمْضِيَ زَمَانًا أَتَيَقَّنُ مَعَهُ فَوَاتَ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالْمَجْمَعُ: ظَرْفٌ. وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ حَمْلًا عَلَى الْمَغْرِبِ وَالْمَطْلِعِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (٦١))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَبِيلَهُ) : الْهَاءُ تَعُودُ عَلَى الْحُوتِ.
وَ (فِي الْبَحْرِ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِاتَّخَذَ، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ السَّبِيلِ، أَوْ مِنْ «سَرَبًا».
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ أَذْكُرَهُ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ فِي أَنْسَانِيهِ ; أَيْ مَا أَنْسَانِي ذِكْرَهُ، وَكَسْرُ الْهَاءِ وَضَمُّهَا جَائِزَانِ. وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا.