وَالْخَامِسُ: أَنَّ «نَنْزِعُ» عُلِّقَتْ عَنِ الْعَمَلِ ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: لَنَنْزِعَنَّهُمْ تَشَيَّعُوا أَوْ لَمْ يَتَشَيَّعُوا، أَوْ إِنْ تَشَيَّعُوا، وَمِثْلُهُ: لَأَضْرِبَنَّ أَيُّهُمْ غَضِبَ ; أَيْ إِنْ غَضِبُوا أَوْ لَمْ يَغْضَبُوا، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى عَنِ الْفَرَّاءِ، وَهُوَ أَبْعَدُهَا عَنِ الصَّوَابِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْكُمْ) : أَيْ وَمَا أَحَدٌ مِنْكُمْ. فَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ.
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وَمَا مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ هُوَ وَارِدُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظَائِرُهَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَقَامًا) : يُقْرَأُ بِالْفَتْحِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ. وَالثَّانِي: هُوَ مَصْدَرُ الْإِقَامَةِ.
وَبِالضَّمِّ، وَفِيهِ الْوَجْهَانِ.
وَلَامُ النَّدِيِّ وَاوٌ ; يُقَالُ: نَدَوْتُهُمْ ; أَيْ أَتَيْتُ نَادِيَهُمْ، وَجَلَسْتُ فِي النَّادِي، وَمَصْدَرُهُ النَّدْوُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (٧٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكَمْ) : مَنْصُوبٌ بِـ «أَهْلَكْنَا» وَ «هُمْ أَحْسَنُ» : صِفَةٌ لِكَمْ.


الصفحة التالية
Icon