قَالَ تَعَالَى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ ; أَوْ تَكُونُ «مَا» مَرْفُوعَةً بِالظَّرْفِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْغُلَاةِ: «مَا» فَاعِلُ «اسْتَوَى»، وَهُوَ بَعِيدٌ. ثُمَّ هُوَ غَيْرُ نَافِعٍ لَهُ فِي التَّأْوِيلِ ; إِذْ يَبْقَى قَوْلُهُ: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ) كَلَامًا تَامًّا، وَمِنْهُ هَرَبَ، وَفِي الْآيَةِ تَأْوِيلَاتٌ أُخَرُ لَا يَدْفَعُهَا الْإِعْرَابُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَخْفَى) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ وَأَخْفَى السِّرَّ عَنِ الْخَلْقِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا ; أَيْ وَأَخْفَى مِنْهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ رَأَى) :«إِذْ» ظَرْفٌ لِـ «حَدِيثُ»، أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ ; أَيِ اذْكُرْ.
(لِأَهْلِهِ) : بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا ; وَقَدْ ذُكِرَ. وَمَنْ ضَمَّ أَتْبَعَهُ مَا بَعْدَهُ.
وَ (مِنْهَا) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِآتِيكُمْ، أَوْ حَالًا مِنْ «قَبَسٍ».
وَالْجَيِّدُ فِي «هُدًى» هُنَا أَنْ يُكْتَبَ بِالْأَلِفِ، وَلَا تُمَالَ ; لِأَنَّ الْأَلِفَ بَدَلٌ مِنَ التَّنْوِينِ فِي الْقَوْلِ الْمُحَقِّقِ ; وَقَدْ أَمَالَهَا قَوْمٌ ; وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ شَبَّهَ أَلِفَ التَّنْوِينِ بِلَامِ الْكَلِمَةِ ; إِذِ اللَّفْظُ بِهِمَا فِي الْمَقْصُورِ وَاحِدٌ. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ لَامُ الْكَلِمَةِ، وَلَمْ تُبْدَلْ مِنَ التَّنْوِينِ شَيْئًا فِي النَّصْبِ، كَمَا جَاءَ:
وَآخُذُ مِنْ كُلِّ حَيٍّ عَصُمْ وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ عَلَى رَأْيِ مَنْ وَقَفَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ إِبْدَالٍ.


الصفحة التالية
Icon