فَرَطَ مِنِّي قَوْلٌ. وَأَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ ضَمِيرَ فِرْعَوْنَ، كَمَا كَانَ فِي «يَطْغَى».
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى) : أَيْ وَهَارُونُ، فَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَلَبَ الْإِخْبَارَ مِنْ مُوسَى وَحْدَهُ ; إِذْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ ; وَلِذَلِكَ قَالَ: «قَالَ رَبُّنَا الَّذِي». وَ (خَلْقَهُ) : مَفْعُولٌ أَوَّلُ، وَ (كُلَّ شَيْءٍ) : ثَانٍ ; أَيْ أَعْطَى مَخْلُوقَهُ كُلَّ شَيْءٍ.
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى وَجْهِهِ، وَالْمَعْنَى: أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ مَخْلُوقٍ خَلْقَهُ ; أَيْ هُوَ الَّذِي ابْتَدَعَهُ. وَيُقْرَأُ «خَلَقَهُ» عَلَى الْفِعْلِ ; وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عِلْمُهَا) : مُبْتَدَأٌ، وَفِي الْخَبَرِ عِدَّةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: «عِنْدَ رَبِّي»، وَ «فِي كِتَابٍ» عَلَى هَذَا مَعْمُولُ الْخَبَرِ، أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «عِنْدَ». وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ «فِي كِتَابٍ»، وَ «عِنْدَ» حَالٌ، وَالْعَامِلُ فِيهَا الظَّرْفُ الَّذِي بَعْدَهَا عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ. وَقِيلَ: يَكُونُ حَالًا مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ فِي «عِلْمُهَا». وَقِيلَ: يَكُونُ ظَرْفًا لِلظَّرْفِ الثَّانِي. وَقِيلَ: هُوَ ظَرْفٌ لِلْعِلْمِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الظَّرْفَانِ خَبَرًا وَاحِدًا، مِثْلُ هَذَا حُلْوٌ حَامِضٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «فِي كِتَابٍ» مُتَعَلِّقًا بِعِلْمِهَا، وَ «عِنْدَ» الْخَبَرُ ; لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَعْمَلُ فِيمَا بَعْدَ خَبَرِهِ.
(لَا يَضِلُّ) : فِي مَوْضِعِ جَرِّ صِفَةٍ لِكِتَابٍ، وَفِي التَّقْدِيرِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا: لَا يُضِلُّ رَبِّي عَنْ حِفْظِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَضِلُّ الْكِتَابُ رَبِّي ; أَيْ عَنْهُ ; فَيَكُونُ (رَبِّي) مَفْعُولًا.


الصفحة التالية
Icon