وَيُقْرَأُ (إِنَّ) بِالتَّشْدِيدِ، وَهَذَانِ بِالْأَلِفِ ; وَفِيهِ أَوْجُهٌ ; أَحَدُهَا: أَنَّهَا بِمَعْنَى نَعَمْ، وَمَا بَعْدَهَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ. وَالثَّانِي: إِنَّ فِيهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا، وَمَا بَعْدَهَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْضًا. وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ اللَّامِ الَّتِي فِي الْخَبَرِ ; وَإِنَّمَا يَجِيءُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: التَّقْدِيرُ: لَهُمَا سَاحِرَانِ، فَحُذِفَ الْمُبْتَدَأُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْأَلِفَ هُنَا عَلَامَةُ التَّثْنِيَةِ فِي كُلِّ حَالٍ. وَهِيَ لُغَةٌ لِبَنِي الْحَارِثِ ; وَقِيلَ: لِكِنَانَةَ.
وَيُقْرَأُ (إِنْ) بِالتَّخْفِيفِ، وَقِيلَ: هِيَ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى «مَا» وَاللَّامُ بِمَعْنَى «إِلَّا» وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظَائِرُهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ) : أَيْ يَذْهَبَا طَرِيقَكُمْ ; فَالْبَاءُ مُعَدِّيَةٌ، كَمَا أَنَّ الْهَمْزَةَ مُعَدِّيَةٌ.
قَالَ تَعَالَى: (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (٦٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأَجْمِعُوا) : يُقْرَأُ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ التَّفْرِيقِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) [طه: ٦٠] وَالْكَيْدُ بِمَعْنَى مَا يُكَادُ بِهِ.
وَيُقْرَأُ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ لُغَةٌ فِي جَمَعَ ; قَالَهُ الْأَخْفَشُ.
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: عَلَى كَيْدِكُمْ.
وَ (صَفًّا) : حَالٌ ; أَيْ مُصْطَفِّينَ وَقِيلَ: مَفْعُولٌ بِهِ ; أَيِ اقْصُدُوا صَفَّ أَعْدَائِكُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (٦٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) : قَدْ ذُكِرَ فِي الْأَعْرَافِ [الْأَعْرَافِ: ١١٥].