وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ الْبَدَلُ، لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا إِيجَابٌ ; وَلَا يَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِوَجْهَيْنِ ; أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: لَوْ جَاءَنِي الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا لَقَتَلْتُهُمْ - كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَتْلَ لِكَوْنِ زَيْدٍ مَعَ الْقَوْمِ، فَلَوْ نَصَبْتَ فِي الْآيَةِ لَكَانَ الْمَعْنَى إِنَّ فَسَادَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ امْتَنَعَ لِوُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ الْآلِهَةِ، وَفِي ذَلِكَ إِثْبَاتُ إِلَهٍ مَعَ اللَّهِ.
وَإِذَا رَفَعْتَ عَلَى الْوَصْفِ لَا يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا غَيْرُ اللَّهِ لَفَسَدَتَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ آلِهَةً هُنَا نَكِرَةٌ ; وَالْجَمْعُ إِذَا كَانَ نَكِرَةً لَمْ يُسْتَثْنَ مِنْهُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ ; لِأَنَّهُ لَا عُمُومَ لَهُ بِحَيْثُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْتَثْنَى لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ.
قَالَ تَعَالَى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) : الْجُمْهُورُ عَلَى الْإِضَافَةِ.
وَقُرِئَ بِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنْ تَكُونَ «مَنْ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْمَصْدَرِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى إِقَامَةِ الْمَصْدَرِ مَقَامَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
وَيُقْرَأُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ. وَالتَّقْدِيرُ: هَذَا ذِكْرٌ مِنْ كِتَابٍ مَعِي، وَمِنْ كِتَابٍ قَبْلِي، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْحَقَّ) : الْجُمْهُورُ عَلَى النَّصْبِ بِالْفِعْلِ قَبْلَهُ.
وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُبْتَدَأٍ.