وَقِيلَ: الْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ ; أَيِ الْأَمْرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ; أَيْ فَعَلْنَا ذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِغَيْرِ عِلْمٍ) : حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي «يُجَادِلُ».
وَ (ثَانِيَ عِطْفِهِ) : حَالٌ أَيْضًا ; وَالْإِضَافَةُ غَيْرُ مَحْضَةٍ ; أَيْ مُعْرِضًا.
(لِيُضِلَّ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِثَانِيَ، وَبِيُجَادِلُ.
(لَهُ فِي الدُّنْيَا: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مُقَدَّرَةً، وَأَنْ تَكُونَ مُقَارَنَةً ; أَيْ مُسْتَحِقًّا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.
قَالَ تَعَالَى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلَى حَرْفٍ) : هُوَ حَالٌ ; أَيْ مُضْطَرِبًا مُتَزَلْزِلًا.
(خَسِرَ الدُّنْيَا) : هُوَ حَالٌ ; أَيِ انْقَلَبَ قَدْ خَسِرَ ; وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.
وَيُقْرَأُ: خَاسِرَ الدُّنْيَا، وَ «خَسِرَ الدُّنْيَا» عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ، وَهُوَ حَالٌ أَيْضًا، وَ «الْآخِرَةِ» عَلَى هَذَا بِالْجَرِّ.
قَالَ تَعَالَى: (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ) : هَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ آرَاءُ النُّحَاةِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّامَ تُعَلِّقُ الْفِعْلَ الَّذِي قَبْلَهَا عَنِ الْعَمَلِ إِذَا كَانَ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، وَيَدْعُو لَيْسَ مِنْهَا. وَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى طَرِيقَيْنِ ; أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ «يَدْعُو» غَيْرَ عَامِلٍ فِيمَا بَعْدَهُ لَا لَفْظًا وَلَا تَقْدِيرًا، وَفِيهِ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ;